مسؤولية الطبيب عن تشوهات الجنين

في عالم الطب، يعتبر الحمل والولادة من أكثر الأمور تعقيدًا وحساسية، حيث يمكن أن تؤدي الأخطاء الطبية إلى تداعيات جسيمة على الأم والجنين. في هذا الإطار، تأتي أهمية فهم مسؤولية الأطباء والممرضين والمراكز الطبية في حالات تشوهات الجنين والأضرار الناتجة عنها. 

في الحالة التي بين أيدينا، يتناول الحكم الصادر من محكمة التمييز في دبي بتاريخ 29-01-2015 الطعن المقدم من قبل زوجين ضد مركز طبي وعدد من الأطباء والممرضين، بناءً على تشوهات طفلهما الذي وُلد نتيجة لأخطاء طبية مزعومة.

الوقائع والمطالبات:

استنادًا إلى ما جاء في الحكم والأوراق المقدمة، تتلخص الوقائع في أن الزوجة حملت في تاريخ قبل 11-11-2009، وراجعت المركز الطبي المعني. خلال فترة الحمل، قامت طبيبتان بمتابعة حالتها، إحداهما كانت مسؤولة عن الكشف الطبي وإعطاء الأدوية، والأخرى قامت بإجراء الأشعة والفحوصات اللازمة. كما كانت هناك ممرضة تعمل مساعدة للطبيبتين. 

اعتمد التشخيص الطبي على معلومات خاطئة، مما أدى إلى تشوهات في الجنين وأضرار جسيمة. استنادًا إلى ذلك، قدم الزوجان دعوى قضائية ضد المركز الطبي والأطباء المعنيين، مطالبين بتعويض قدره ثلاثون مليون درهم إماراتي، بالإضافة إلى الفوائد القانونية بنسبة 12% من تاريخ المطالبة القضائية حتى السداد الكامل 

تم استئناف هذا الحكم وتقديمه إلى محكمة الاستئناف تحت الرقم 821 لسنة 2013. وقد أصدرت المحكمة حكمًا بتأييد الحكم الابتدائي بتاريخ 9-12-2013. 

بناءً على ذلك، قام الطاعنون بتقديم طعن في هذا الحكم إلى محكمة التمييز، وهي الحكم الذي يتضمن الوثيقة التي قدمتها. 

وفي الحكم النهائي، تم التطرق إلى عدة نقاط مهمة، منها:

  • أن الطاعنين قد قاما بتقديم الدعوى بناءً على ثلاثة أسس مختلفة تتعلق بالأدوية والأشعة وعدم بذل العناية اللازمة.
  • تم التأكيد على أن الأدوية التي أعطيت للطاعنة الثانية لم تكن سببًا في التشوهات.
  • تم التطرق إلى تقرير من مركز التخطيط والجودة للخدمات الطبية يؤكد أن مستوى الرعاية الطبية لم يكن على المستوى المطلوب. 

وفي النهاية، اعتبرت محكمة التمييز أن هناك قصورًا في التسبيب والاخلال بحق الدفاع، وبالتالي فإن الحكم يحتاج إلى المراجعة.

الحكم والتبريرات:

على الرغم من أن هذه القضية تتعلق بأخطاء طبية مزعومة أثناء الحمل، إلا أن محكمة التمييز اعتبرت أن هناك قصورًا في التسبيب والاخلال بحق الدفاع في الأحكام السابقة. وبناءً على ذلك، أشارت المحكمة إلى ضرورة مراجعة الحكم.

اراء الخبراء 

أحمد صابر، رئيس قسم التقاضي: يقدم أحمد صابر رأيًا قانونيًا مهمًا بخصوص هذه القضية. يشير إلى أن الحكم السابق لمحكمة التمييز يظهر وجود قصور في التسبيب والاختلال بحق الدفاع، مما يستدعي ضرورة مراجعة الحكم. يجب أن نفهم أن تقييم الأمور القانونية يعتمد على التفاصيل والأدلة المقدمة، وهذا يظهر أهمية تقديم أدلة دقيقة وملموسة لدعم مطالب الزوجين. 

ندى الماوى، رئيس قسم الاستشارات: تشدد ندى الماوى على أهمية الرعاية الصحية الجيدة والمسؤولية الطبية في مجال الحمل والولادة. تشير إلى أن هذه القضية تظهر أن الأخطاء الطبية يمكن أن تكون لها تداعيات جسيمة على حياة الأفراد. تشجع على تعزيز الاحترافية والجودة في الرعاية الصحية وتأكيد أن الأمور يجب أن تقاس بمعايير الاحترافية والمسؤولية، وليس بمعايير الكمال. تؤكد على ضرورة التعاون بين جميع الأطراف لتحسين السلامة والرعاية الصحية.

ختامًا

يُظهر حكم محكمة التمييز في دبي أهمية الدقة والحذر في مجال الطب، وخاصة فيما يتعلق بالحمل والولادة. ويُعتبر هذا الحكم تذكيرًا بأهمية الحذر والاحترافية في مجال الطب، وضرورة التعامل مع حياة الناس بكل احترام وحذر. إلا أن الطب، مثل أي مجال آخر، ليس خاليًا من الأخطاء. وعلى الرغم من أن الأخطاء قد تكون مؤلمة ومدمرة، إلا أن الأمور يجب أن تُقاس بمعايير الاحترافية والمسؤولية، وليس بمعايير الكمال. وفي النهاية، يجب على جميع الأطراف المعنية - الأطباء، المرضى، والمؤسسات - أن يعملوا معًا لضمان أعلى مستويات الرعاية الطبية والسلامة للمرضى.