مقدمة

تعتبر قضية الدية والتعويض من القضايا الحساسة والمعقدة في القانون والشريعة، وهي قضية تتعلق بتعويض الأشخاص الذين يتعرضون لأضرار مادية أو معنوية نتيجة لأفعال ضارة تمت بحقهم. يثير هذا الموضوع الكثير من التساؤلات حول الفرق بين الدية الشرعية والتعويض، وهل يجوز الجمع بينهما أم لا؟ لنقم بتفحص هذا الموضوع بعمق.

التعويض قانونيا

التعويض هو التعويض المالي الذي يتم منحه للشخص الذي يثبت للمحكمة أن هناك ضرراً لحق به نتيجة للفعل الضار الذي وقع عليه. يمكن أن يكون هذا الضرر ماديًا أو أدبيًا، ويتعين على الشخص الذي يسعى للحصول على التعويض إثبات وقوع الضرر وعلاقته بالفعل الضار. يختلف مقدار التعويض وفقاً لتقدير القاضي والظروف المحيطة بالقضية. 

الدية الشرعية

أما الدية الشرعية فهي عقوبة وفقاً للشريعة الإسلامية تُفرض في حالات معينة مثل القتل والجرح شبه العمد والخطأ. مصدر هذه العقوبة هو القرآن الكريم، حيث يقول الله تعالى في سورة النساء (الآية 92) وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ، ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا

الفروق الجوهرية بين الدية والتعويض

1- الهدف 

الدية الشرعية: الهدف الرئيسي من الدية هو ترضية أسرة المجني عليه وتعويضهم عن فقدان أحد أفرادهم 

التعويض: الهدف هو جبر الضرر الذي لحق بالمجني عليه نتيجة للفعل الضار، سواء كان ذلك ضررًا ماديًا أم معنويًا.  

2- مصدر الالتزام 

الدية الشرعية: مصدرها الشريعة الإسلامية ونصوصها 

التعويض: مصدره هو القوانين المدنية والتشريعات القانونية 

3- تقدير المبلغ 

الدية الشرعية: مقدار الدية محدد ولا يخضع لتقدير القاضي 

التعويض: مقداره يتم تقديره بناءً على حكم القاضي وظروف القضية 

 

هل يجوز الجمع بينهما؟

في القوانين المدنية في بعض البلدان، يُحظر الجمع بين الدية الشرعية والتعويض في حالات معينة، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بالضرر الجسدي الذي يلحق بالمجني عليه. على سبيل المثال، في قانون المعاملات المدنية الإماراتي، ينص القانون على أنه "لا يجوز الجمع بين الدية الشرعية وبين التعويض ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك" (المادة 299). ولكن هذا الحظر ينحصر فقط على شخص المجني عليه ولا يشمل ما يمكن أن يلحق بورثته من أضرار أدبية نتيجة وفاته

اراء الخبراء 

أحمد صابر - رئيس قسم التقاضي 

أحمد صابر يعتبر أن الفرق بين الدية الشرعية والتعويض يعتمد بشكل رئيسي على الطابع والهدف من كل منهما. أن الدية الشرعية هي جزء من الشريعة الإسلامية وتُفرض لترضية أسرة المجني عليه وإعطائهم حقوقهم الشرعية بحسب القوانين الدينية. أما التعويض فهو مفهوم قانوني يهدف إلى تعويض الأفراد عن الخسائر الناجمة عن أفعال ضارة يؤكد أحمد صابر على أهمية احترام القوانين المدنية في ما يتعلق بالتعويض، وأنه يجب على الأفراد البحث عن حقوقهم بموجب هذه القوانين واحترام قوانين الدية الشرعية إذا كانت معمول بها 

ندى الماوى - رئيس قسم الاستشارات 

ندى الماوى ترى أن الدية الشرعية والتعويض هما مفاهيم مختلفة تمامًا. أن الدية الشرعية هي جزء من الشريعة الإسلامية وترتبط بالجوانب الدينية والأخلاقية. بينما يتعلق التعويض بالقوانين المدنية والقواعد القانونية ويعتمد على أدلة وأمور دليلية قانونية تشير ندى الماوى إلى أهمية الاستشارة بمحامي مختص في حالات التعويض لفهم الحقوق والالتزامات والإجراءات القانونية المتعلقة بالتعويض. تؤكد أيضًا على أنه يجب على الأفراد الالتزام بالقوانين واللوائح المعمول بها في بلدهم لتجنب المشكلات القانونية 

ختامًا

تظل الدية الشرعية والتعويض قضايا معقدة تتطلب فهمًا دقيقًا للشريعة والقوانين المدنية. يجب على الأفراد البحث عن حقوقهم والتشاور مع محامين مختصين لفهم حالتهم الشخصية والمساعدة في الحصول على التعويض أو الدية إذا كان ذلك ممكنًا وفقًا للقوانين والتشريعات المعمول بها